مفهوم المجرم في القانون : ارتباط الجريمة والعقوبة ، في الوقت الذي نجده فيه الشخص المجرم يصبح جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات، يعاني الفرد من صعوبة تحديد مفهوم المجرم في القانون. فالجريمة من المصطلحات القانونية التي يحصل فيها تلاعب عدة معطيات تتعلق بالفاعل والفعل وكذلك العقوبة. والأهم من ذلك هو فهم مفهوم المجرم في القانون وارتباطه بالعقوبة. ففي هذا المقال سنقوم بدراسة مفهوم المجرم وعقوبته في القانون وسنوضح الانتقادات التي وجهت لهذا المفهوم، وسنتابع ذلك باستعراض أهمية فهم مفهوم المجرم وارتباطه بالعقوبة في الحياة اليومية.

تعريف الجريمة والمجرم في القانون

المفهوم القانوني للجريمة

الجريمة هي الفعل الذي يخالف النظام الاجتماعي والقانون المنظم للمجتمع، ويترتب عليه عقوبة تقررها الدولة. ويمكن تعريفها بأنها الفعل المتعمد أو الإهمال الذي يخالف القانون الجنائي ويترتب عليه العقاب. ويعتبر الفعل هو الركن الأساسي في الجريمة، حيث يتم وصف الجريمة باعتبارها فعلًا ينتهك الشرع أو القانون. ويُشتق المصطلح من كلمة الجرم، وهو اعتداء على حق يحميه الشرع أو القانون. ويُدرس علم الجريمة كظاهرة نسبية، حيث يختلف مفهوم الجريمة من مجتمع لآخر، ويعتمد على قيم المجتمع وثقافته. وتبقى الجريمة قانونية أو غير قانونية بحسب إرادة المجتمع المنظم.

المفهوم القانوني للمجرم

في النظر إلى المفهوم القانوني للمجرم، فإنه يتعلق بالشخص الذي يرتكب جريمة بمفهومها القانوني، ويصدر الحكم بإدانته بطريقة نهائية غير قابلة للطعن. يستند هذا المفهوم إلى وجود أركان أساسية في الجريمة، وهي الفعل والإرادة والعقوبة. فالفعل يمثل السلوك المنحرف الذي قام به الشخص المتهم، وترتبط نوعان من الجرائم بالإرادة وهما الجرائم العمدية والتي يخطط لها الشخص، والجرائم غير العمدية التي يتوافر فيها الوعي والإدراك من الشخص المتهم. بعد ذلك تكتمل الأركان الأساسية للمجرم بالعقوبة التي تحددها القوانين والتي تعد كجزاء علي السلوك المنحرف والغير مقبول اجتماعياً. ومن المهم أن توجه الانتقادات التي وجهت لهذا المفهوم بمعنى القيام بتحديثه وإعادة النظر في طرق تطبيقه وإيجاد حلول جديدة وعملية للتصدي للجرائم بطريقة بناءة.

الانتقادات التي وجهت للمفهوم القانوني للمجرم

كثيرا ما وُجّهت الانتقادات لمفهوم الجريمة والمجرم في القانون، ذلك لأنّهما يعتمدان على عدة عوامل متغيرة ومثيرة للجدلّ. فالجريمة ليست مصطلحاً تترجم بسهولة، بل لها مفاهيم ومظاهر مختلفة باختلاف الحالات، والكلمة المستخدمة في اللغة العربية “المجرم” قد تشير إلى من يقترف جريمة بمعزل عن مظاهر اجتماعية، وهذا يثير العديد من الأسئلة حول دوافع وخلفيات هذه الجرائم. وبالتالي يتعين على القانون تحديد المفهوم بوضوح ودقة، وإجراء تقييم للظروف التي أدت إلى ارتكابها، وهو ما ينتقده البعض ويطالبون بضرورة إعادة النظر في هذه المفاهيم وتحديدها بشكل أوضح.

أركان الجريمة

A. الفعل كركن أساسي في الجريمة

الفعل هو الركن الأساسي في الجريمة، فهو المسؤول عن السلوك العدواني الذي ارتكبه المتهم. يمكن التقاط الأدلة والتحقيق في جزء غير مقبول من الإجراءات لتحديد هوية المتهم والتأكد من جريمته. يتم تعريف الجريمة بأنها فعل أو امتناع عن فعل يقرر له القانون عقابًا، وبالتالي فإن الفعل الذي أدى إلى جريمة هو المسؤول عن تحمل المتهم المسؤولية عن جريمته. لذلك، هناك أنواع مختلفة من الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى جريمة، بدءًا من الأفعال الإيجابية التي تضر بالآخرين مثل جرائم القتل والسرقة، وحتى الأفعال السلبية التي تعتبر نقصًا في الالتزام بالقواعد والقوانين، وكلها تسبب بالضرر للمجتمعات وتحتاج إلى عقاب مناسب.

B. أنواع الأفعال الإيجابية والسلبية

يعتبر فهم أنواع الأفعال الإيجابية والسلبية أحد الجوانب الأساسية لتحديد ما هي الأفعال التي تعتبر جريمة وتستحق العقوبة. فالأفعال الإيجابية تشمل جميع الأعمال التي يمارسها الفاعل وتؤدي إلى إيذاء الآخرين مثل القتل والسرقة والاعتداء على الشخص. أما الأفعال السلبية فتشمل عدم الالتزام بالقوانين والقواعد، مثل السير مخالفاً في الطرقات وعدم ارتداء حزام الأمان أثناء القيادة. من الجدير بالذكر أن الفاعل لا يعاقب عليه إلا إذا كان يدرك تماماً تبعات أفعاله ويمتلك إرادة حرة عند ارتكاب الجريمة. ومن خلال فهم أنواع الأفعال الإيجابية والسلبية يمكن لنا أن نفهم أكثر عن القوانين الجنائية والأسس التي تقوم عليها.

C. الجاني والمجني عليه

الجاني والمجني عليه هما أساسيات الجريمة في القانون، حيث يمثل الجاني الشخص الذي ارتكب الفعل الإجرامي أو السلوك المنحرف ويقع عليه العقوبة بناءً على ذلك، في حين يمثل المجني عليه الشخص الذي يقع عليه فعل الجاني. يجب أن يتوفر في الجاني الإدراك والإرادة الحرة للفعل المنحرف وأن يكون مسؤولًا عن أفعاله، ويجب أن يكون المجني عليه من تحميه القوانين والشروط، وأن يكون الفعل المنحرف قد تسبب له في ضرر أو إيذاء. وحتى يتم وصف الفعل بأنه جريمة يجب أن تتوفر أركان الجريمة الأساسية، هي الفعل والإرادة والظروف المادية والمعنوية، وهذه الأساسيات تتخذ في القانون أشكالًا مختلفة حسب نوع الجريمة وخطورتها.

الإرادة والجرائم العمدية وغير العمدية

A. مفهوم الإرادة

يعلق مفهوم الإرادة في القانون بقدرة الشخص على فعل شيء بمعرفته الكاملة وتصرفه الحر، ويمثل هذا المفهوم عاملاً مهماً في تحديد المسؤولية الجنائية للمتهم. فعندما يتم ارتكاب جريمة يتحقق وجود الإرادة الحرة والمتعمدة لدى الشخص المتهم بارتكابها، وهو ما يضعه تحت مسؤوليته الجنائية. ويمكن أن تكون الإرادة غير متعمدة في بعض الجرائم غير العمدية الناتجة عن الإهمال، حيث يكون الشخص قادراً على تفادي الجريمة لو تحلى بالحرص والاهتمام. ويتمثل دور المحكمة في تحديد ما إذا كانت الإرادة متعمدة أم غير متعمدة للمتهم بارتكاب الجريمة، وبناءً على ذلك يتم تحديد العقوبة المناسبة.

B. الجرائم العمدية والتخطيط لها

يعد الجرم العمدية من أخطر وأشد الجرائم إثارة للرأي العام، لأنها تدل على وجود نية وتخطيط دقيق في ارتكابها. وتتجلى هذه الجرائم في القتل والسطو والسلب. وهناك عدد من الأساليب التي يستخدمها المجرمون في التخطيط لجريمتهم، ومنها التحالف مع أفراد آخرين، واستخدام الأسلحة وتحديد الوقت والمكان المناسب للجريمة، كما يقوم الجاني بخطة دقيقة والعمل الدقيق على وضع خطة محكمة لتحقيق هدفه الإجرامي. ومن هنا، يجب على المجتمع أن يسعى جاهدًا إلى منع هذه الجرائم والحد من ارتكابها، والاعتماد على الرصد والمراقبة والإتقان في تطبيق العقوبة المناسبة لها.

C. الجرائم غير العمدية

الجرائم غير العمدية هي الجرائم التي لم يكن لديها المجرم النية الإجرامية المسبقة أو التخطيط لها، مثل حادث السير أو الإهمال الواعي والغير الواعي، وهي جرائم شائعة وتحدث بشكل مستمر في المجتمعات. ومن الجدير بالذكر أنه عند ارتكاب الجرائم الغير عمدية، فإن القانون يضع ضوابط وقوانين واضحة لتحديد مدى المسؤولية عن هذه الجرائم وتحديد العقوبات المناسبة لها. ونظراً لأن هذه الجرائم تندرج تحت الجرائم الغير متعمدة، فإنه يجب على الأفراد الانتباه والحرص على تجنب ارتكاب مثل هذه الجرائم، حيث أنها قد تسبب أضرار بدنية ومادية كبيرة للآخرين ومليئة بمخاطر عالية تنعكس على حياتهم وحياة الآخرين.

العقوبة ورد الفعل على الجريمة

تعريف العقوبة

العقوبة تكمل أركان الجريمة، وهي الجزاء الذي يحدده القانون ويُتخذ بحق الشخص المخطئ وفعل سلوك غير مقبول من الناحية الاجتماعية والقانونية. وتسعى العقوبة إلى إصلاح المخطئ وتأهيله إلى العودة إلى المجتمع والقانون، وتحافظ على الأمن والاستقرار في المجتمعات. ويجب أن تتوافق العقوبة مع الفعل المرتكب وتكون بمناسبته، كما يجب أن تهدف إلى المحافظة على الحريات والحقوق والواجبات في المجتمعات. وبالإضافة إلى ذلك، يُعد العقاب وسيلة لإرهاب المجتمع وإيقاف أفعال الناشطين في المجالات غير المقبولة. وهذا يتطلب وضعها بعد تحقق التحقيق في الجريمة والثبوت على ارتكاب الفعل وتحقق الإرادة والتخطيط في المجرم.

مفهوم المجرم في القانون : ارتباط الجريمة والعقوبة